December 23, 2024
IMG-20220903-WA0003

*كتبت نداء الوطن*


وضع أساتذة التعليم الرسمي معادلة واضحة «تصحيح الأجور ورفع بدل النقل مقابل العودة إلى المدرسة» وإلّا فالعام الدراسيّ طار. ردّة فعلهم جاءت كنتيجة حتميّة لتجاهل وزارة التربية حقوقهم من جهة، وحذف المساعدات والزيادات المقترحة من رواتبهم، وهو ما أثار حفيظتهم وجعلهم يتحرّكون في خطوات تحذيرية، أعلنوا خلالها أن «لا عودة للمدارس قبل تحصيل الحقوق».

هي معركة حقوق إذاً قرّر الأساتذة خوضها قبل أيام قليلة من بدء العام الدراسي، ما سيطيح بهذا العام ويشلّ المدرسة الرسمية ويهجّر آلاف الطلاب نحو الشارع، في ظلّ رفع المدارس الخاصة أقساطها ودولرتها إلى حدّ يعجز معه حتى أستاذ التعليم الرسمي نفسه عن تسجيل أولاده.

من أمام سراي النبطية الحكومي أطلق أساتذة التعليم الرسمي رصاصتهم الأولى باتّجاه وزارة التربية، رفعوا مطالبهم التي أكّدت عليها ممثلة رابطة التعليم الأساسي في الجنوب الأستاذة سهير توبة بأن لا عودة إلى المدارس ما لم ينل المعلّم حقه، ولا عودة من دون تصحيح الأجور ورفع بدلات النقل بما يتماشى مع ارتفاع الدولار، وطالبت بدفع الحوافز بالفريش دولار ودعم الطبابة وتفعيل صيدلية موظفي الدولة في الفروع، ورفع قيمة المنح التعليمية بما يتناسب مع أقساط المدارس. والأهمّ الذي تطرّقت إليه توبة رفض عملية الدمج «اللبناني ـ السوري» لما له من آثار سلبية، ولعلّ تجربة الدمج التي شهدتها المدارس في التعليم الصباحي اليوم أصدق تعبير، إذ تعمد الجهات الدولية الى اتّباع نظام التمييز الواضح من تخصيص وجبة أكل للنازح من دون رأفة بالطالب اللبناني.

وبدا واضحاً، من خلال خرطوشة التحرّكات التحذيرية الأولى التي بدأها الأساتذة أن لا تراجع في هذا الملف، ويقول مدير إحدى المدارس في مرجعيون إن وضع الأستاذ صفر، فهو بات عاجزاً عن توفير التعليم لأولاده، وعن دفع فاتورة الإشتراك، «فكيف لأستاذ راتبه لا يتجاوز المليونين ونصف المليون أن يحضّر للمدرسة في ظلّ ما يحيطه من غلاء فاحش؟ نفهم أن تنخفض رواتبنا بسبب الأزمة ولكن أن تنخفض 95 بالمئة فهو ما لا يقبله عاقل».

دق الأساتذة جرس إنذارهم التحذيري، رفعوا الصوت في وجه سلطة تغضّ النظر عن مطالبهم، فتحوا معركة تحصيل الحقوق، ومن خلفها تطرح الأسئلة التالية ماذا لو فشلت الوزارة في تأمين الحقوق، أي مصير ينتظر المدرسة الرسمية، وماذا سيكون مصير الطلاب الذين لا ملاذ لهم سوى المدرسة الرسمية؟ وهل من حلّ؟ يؤكد الدكتور منصور العنز «لسنا هواة إضراب، ولسنا من دعاة تدمير المدرسة الرسمية، فنحن أبناء تلك المدرسة، ولكن لا يعقل أن تبقى رواتبنا في الحضيض، من حقنا المطالبة بحقّنا بالوصول إلى المدرسة».

في التحرك المطلبي، رفع كل أستاذ مطلبه في وجه الكارتيلات التجارية التي وقفت في وجه الأساتذة كما قال الأستاذ حسن كركي باسم المعلمين المعتصمين، ووصفهم بأنهم «كارتيلات تجارية أمسكت برقابنا، إنكم بمؤامرتكم على المدرسة الرسمية تسحقون الفقراء وتفقرونهم أكثر. أيعقل أننا في بلد لا يقام فيه وزن للقوانين؟ فليعلم القاصي والداني أن حقوقنا مقدّسة والمدرسة الرسمية صلاتنا التي لن نتركها لشياطين هذا البلد».

على ما يبدو أن المعركة ستكون محتدمة في المقبل من الأيام، فالأساتذة قالوها علناً «مش راجعين قبل تحقيق المطالب» والوزارة أعلنت تحديد موعد بدء العام الدراسي، وكأن معركة شدّ الحبال ستشهد تصاعداً حتمياً في ظلّ موجة الإضرابات التي تشلّ البلد. وبحسب أحد الأساتذة «الكل يطالب بحقه، عمال أوجيرو، الاتصالات والكهرباء، لماذا حين خرج الأستاذ الذي قدّم كل شيء وفجأة خسر كل شيء، ليطالب بحقه أصبح بلا ضمير، أين ضمير الدولة التي تركت الأستاذ يتخبّط بأزمات خلقتها الدولة نفسها؟ الأستاذ ليس كبش محرقة، الأستاذ هو معلّم الأجيال وهو العمود الفقري للدولة اللبنانية فلا تكسروه».

على المحكّ يقف العام الدراسي اليوم، وليس بعيداً فقدانه نهائياً، في ظل عملية شدّ الحبال القائمة اليوم بين أساتذة التعليم الرسمي ووزارة التربية. وبين هذا وذاك «طار العام الدراسي أو مهدد بالطيران» والضحيّة الطلّاب الذين سيجدون صعوبة في الالتحاق بالمدارس الخاصة التي تحوّلت «مافيات الدولار». فهل من حلّ يدرس في الأفق
‎‏‎‏‎‏‎