December 23, 2024
878883AB-ED82-4C4C-8E3A-DC63AF947965

يومانِ مفصليّان مرّا على التوقيفات “البارزة” التي شملت عدداً كبيراً من الصرّافين الكبار في سوق الدولار، وأبرزهُم “علي النمر” و “علي الحلباوي” وهما من كبار “كارتيلات الصرافة” في السوق الموازية. حتماً، البلبلة كانت كبيرة، وما حصلَ كان كافياً لترقّب ما قد يفعله مصرف لبنان خلال المرحلة التي تلي تلك التوقيفات، فيما يُحكى عن أن التحقيقات التي أجريت مع الصرّافين أفضت إلى كشفِ أسماء الكثير من المتورطين بعمليات المُضاربة في السوق.

وإلى الآن، فإنه من المتوقع أن تتصاعد حملة “إسقاط الصرافين” خلال الأيام المقبلة، وذلك وفقاً للمدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم الذي أكد لـ”لبنان24″، أمس الأحد، إنّ “العقوبات بحق المضاربين قد تسجل إلى السجن لنحو 3 سنوات”.

عملٌ “استخباراتيّ”
في سياقِ الحملة التي طالت الصرّافين، كانت لافتةً جداً الإشارات التي تحدّثت عن وجود عملٍ “استخباراتي” مُكثف في الآونة الأخيرة، والهدف منه هو “التسلل” إلى كافة المجموعات المرتبطة بتسويق الدولار وبيعه، ليس لكشف “الرؤوس الكبيرة” المعروفة، بل لمعرفة “الذيول” المرتبطة بها، والأشخاص الذين ينشطون في الخفاء وقد يُشكلون عنصراً كبيراً للمضاربة في السوق.

تقول مصادر ناشطة في سوق الدولار لـ”لبنان24″ إنّ “مجموعات واتسآب كانت خيرَ طريقٍ وسبيلٍ أمام المخبرين للتسلل باتجاه الصرافين “الجُدد”، وبالتالي كشفِ نطاق عملهم. بالنسبة للمصادر عينها، فإنّ المجموعات كانت كبيرة جداً، وما يتبين هو أنّ المشتركين فيها هم بالمئات، وبالتالي فإنّ الرقابة عليهم “معدومة”. حقاً، هذا الأمرُ سمحَ باندماج “المُخبرين” ضمن تلك المجموعات لمواكبة عمليات البيع والشراء واكتشاف الضالعين في عمليات المُضاربة، والدليل على ذلك هو السّرعة التي تمثلت بها التوقيفات خصوصاً في الجنوب وبيروت. ولكن، وبعد كل ذلك، يُطرح السؤال الأساس: ما هي الخطوات المُرتقبة للبنك المركزي؟

عملياً، قد تكون مرحلة توقيف الصرّافين هي أول مرحلة من مراحل السيطرة على مسار الدولار الذي ما زال يتجاوز الـ60 ألف ليرة لبنانية. وبكل بساطة، فإن البنك المركزي يحاول حالياً “تنظيف السوق” من كبار التّجار الذين حاولوا “تجاوز” مصرف لبنان والقفز فوقه ورسم السياسات التي يريدونها، أي أنهم حاولوا الخروج من تحت جناح السوق الفعلي لتشكيل “إمارة دولاريّة” خاصة بهم واستغلالها للتأثير على الأسعار. وبشكل فعلي، فإنّ المصرف المركزي حاول قدر الإمكان عبر عملية توقيف الصرافين “تنفيس” سعر السوق وسحب أدوات المضاربة الأساسية منه، وذلك من دون طرح أي تعميمٍ أو استخدام “دولار واحد”. هنا، تكمن المفارقة، فالتدخل كان أمنياً بالدرجة الأولى للجم ارتفاع الدولار، وحينما تتحضر الأرضية المناسبة للتدخل المالي، عندها ستكون لمصرف لبنان القرارات المُناسبة إما عبر تعاميم أو قرارات سيكون لها أثرٌ جديد في سوق الدولار الذي بات يترقّبُ تأثير الدولار الرسمي الجديد عليه، والذي أصبحَ بـ15 ألف ليرة لبنانية.

إذاً، وفي خلاصة القول، فإنّ ما يظهرُ هو أنّ السوق يخضع حالياً لـ”الترقب”، فيما يتبين بشكلٍ واضح هو أنّ الخطوات التي تتخذ تمهد لتبدلات معينة، فإما أن تؤتي ثماراً جيدة وإما قد تنقلبْ على السوق، والأهم هو “الإستمرارية”، وإلا فما حصل سيكون “همروجة” ستنتهي لا أكثر ولا أقل.