🔴«الـمـوسـاد» يـسـتـهـدف «إكـس حـزب الله»: تـجـنـيـد فـي الـخـارج وطـلـب الـعـودة إلـى الـحـزب
هـكـذا جُـنِّـد «الـكـذّاب» مـن الـعـراق إلـى الـصـرفـنـد مـقـابـل 3 آلاف دولار
رضـوان مـرتـضـى – الأخـبـار
في سياق «الاجتياح الاستخباري» للبنان، مستفيداً من الانهيار الاقتصادي، اكتشف فرع المعلومات توجّهاً جديداً لدى استخبارات العدو.
إذ تبيّن من خلال التحقيق مع أربعة موقوفين أنّ الموساد يستهدف التواصل مع عناصر عملوا سابقاً في حزب الله لتجنيدهم، وتكليفهم بالسعي للعودة إلى الجسم التنظيمي للحزب.
في ما يأتي قصة الموقوف عباس ع. الذي انتسب إلى حزب الله لسنوات وقاتل في صفوفه قبل أن يجنّده الموساد مقابل ٣ آلاف دولار.
«لمين المستقبل؟»، سؤالٌ كان عباس ع. (مواليد ١٩٩٧) يجيب عليه بعبارة: «المستقبل للشجاع».
كانت هاتان العبارتان كلمة السرّ بين العنصر السابق في حزب الله ومشغّله «آدم»، الضابط في استخبارات العدو الإسرائيلي، أثناء التواصل بين صفحة وهمية أنشأها الشاب اللبناني على فايسبوك وصفحة الموساد الرسمية.
في الثالث من آب الماضي، أوقف فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي عباس ع. في بلدة الصرفند، للاشتباه فيه في التعامل مع العدو الإسرائيلي، بناء لإشارة مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات.
والموقوف الذي يقيم في بلدة السكسكية، درس اختصاص ميكانيك السيارات لمدة سنتين، قبل أن يتفرّغ للعمل لحّاماً.
انتسب إلى حزب الله عام ٢٠١٤، وخضع لدورات ثقافية وعسكرية. وقال في التحقيق معه إنه شارك في معارك الزبداني في سوريا عام ٢٠١٦ ضمن اختصاص المشاة، كما شارك في معارك القلمون في اختصاص مضاد للدروع.
في عام 2017 ترك الحزب، وعمل في أحد المطاعم في زحلة، قبل أن يتنقّل بين عدد من المهن، وسافر إلى تركيا والعراق بحثاً عن عمل.
لم يكن التحقيق مع الموقوف سهلاً. فهو لم يكد يجيب على أي سؤال بصدق سوى عن اسمه. حاول مراراً التهرّب من أسئلة المحققين، وقدّم إفادات كاذبة واحدة تلو الأخرى، وفي كل مرة كان المحققون يواجهونه بالدليل الذي يثبت كذبه، كان يخترع كذبة جديدة.
في ٧٦ صفحة من صفحات التحقيق، لم يملّ المشتبه فيه بالتعامل مع العدو من المراوغة والكذب، ولم يسأم المحققون من مواجهته بأدلة تكذبه.
بدأت القصة عبر فايسبوك عام ٢٠٢١ عندما وقع عباس على صفحة تحمل العلمين اللبناني والإسرائيلي مع عبارة «نتضامن مع شعب لبنان».
تواصل مع الصفحة عبر «الماسنجر» للسؤال عن إمكان مساعدته في السفر إلى ألمانيا، فتلقى إجابة من شخص عرّف عن نفسه بأنّه «رامي»، ثم وصله بآخر يدعى «آدم».
طلب الأخير من عباس إعطاءه رقمه، وأبلغه بأنّ يراسله، في حال لم يعاود الاتصال به، عبر صفحة الموساد الإسرائيلي، واتفق معه على كلمة سرّ.
في التحقيق، حاول الموقوف إخفاء حقيقة أنه تواصل مع الصفحة مع علمه بأنها تابعة لإسرائيل، مدعياً أن الإسرائيليين وصلوا إلى رقمه أثناء تقديمه طلب عمل على موقع ظهر أمامه أثناء تصفّحه لحسابه على فايسبوك، قبل أن يتبين أنه يكذب.
في تلك الفترة، كان عباس يعمل في أحد المطاعم في العراق. ولأنه لم يكن يُقيم وحده، عرض عليه مشغّله الإقامة في فندق من أجل التواصل بهدوء على أن يتكفّل «آدم» بالتكاليف.
وبالفعل، انتقل الموقوف للإقامة في فندق في منطقة الكرّادة في بغداد. كما وعده المشغّل بحمايته وتأمينه اقتصادياً وتسديد ديونه وتسهيل سفره وعائلته إلى ألمانيا خلال عامين.
وسأله أسئلة شخصية عن حياته وعلاقاته وما إذا كان يصلّي، وأبلغه بضرورة حصر التواصل بينهما عبر خاصية الاتصال على تطبيق الواتساب لأنه أكثر أمناً. وطلب منه أن لا يُخبر أحداً بشأن تواصلهما و«ما بتكون إلا مبسوط».
وأبلغ الموقوف المحققين أن «آدم» و«رامي» كانا يتحدثان معه «بعربية مكسّرة بشكل غريب».
وقال إنه بعدما أبلغ «آدم» بأنه انتسب سابقاً إلى حزب الله وقاتل في صفوفه في سوريا، بدأ التركيز معه على علاقته بالحزب… فأدرك أن «رامي» و«آدم» من جهاز الاستخبارات الإسرائيلي.
كُلّف الموقوف بالعودة إلى صفوف الحزب وطُلبت منه إحداثيات لمناطق القتال في سوريا.
وكما في كل علاقة تنشأ بين المشغّل الإسرائيلي وأي عميل محتمل، طلب «آدم» من عباس شراء هاتف جديد وتنزيل تطبيقات خاصة بتحديد المواقع وVPN وسكايب وإنشاء بريد إلكتروني جديد.
وبواسطة تقنية الـ video call درّبه على تحديد المواقع، وذكر الموقوف أن البرنامج أظهر تفاصيل دقيقة لكافة الشوارع والأبنية.
كما دربه على كيفية إرسال الإحداثيات من لبنان على أن يظهر أن تلك الرسالة مُرسلة من دولة أخرى. وأفاد بأن آدم أبلغه أنه سيؤمن سفره إلى تركيا أو دبي أو إحدى الدول الأفريقية للخضوع لدورة تدريبية على عدد من الأجهزة الإلكترونية لتعلّم كيفية تحديد المواقع وتعلّم تقنيات جمع المعلومات والإفادة عنها.
ولكن عليه ذلك قبل العودة إلى لبنان للتعاقد مجدداً مع حزب الله من أجل إرسال إحداثيات بمواقع تابعة للحزب.
وطلب المشغّل الإسرائيلي من عباس تنظيم تقرير مفصّل بالأسماء الثلاثية وأرقام كل من يعرفهم في حزب الله أو على علاقة بالحزب وأعمارهم ومسؤولياتهم، بما في ذلك أسماء أقاربه المنتسبين إلى الحزب أو المقربين منه.
كما طلب منه تحديد إحداثيات الأماكن التي تدرّب فيها وتلك التي قاتل فيها في سوريا.
واعترف المشتبه فيه بأنه زوّد المشغّل الإسرائيلي بأسماء وأرقام هواتف ١٢ مسؤولاً وعنصراً من حزب الله.
في كل مرحلة من مراحل التحقيق، كان عباس يحاول إيهام المحققين بأنه قطع التواصل مع الموساد، ولكن في كل مرة كان يتبين كذبه.
إذ إن التحليل الفني والتقني لأجهزته الإلكترونية بيّن عدداً من الرسائل والمحادثات بينه وبين مشغله. وبعدما كذب بأنه لم يتواصل مع مسؤولين في حزب الله للعودة إلى صفوفه كما طلب منه آدم، أبرز له المحققون محادثات على تطبيق الواتساب مع ثلاثة مسؤولين من الحزب يطلب فيها مساعدتهم للانتساب مجدداً إلى صفوفه.
كذلك تبيّن أن الموقوف أخبر مشغله عن «دورة الأخيار» التي ينوي الالتحاق بها، وأن الموافقة على عودته للانخراط في صفوف الحزب تحتاج بين ستة أشهر وسنة.
وفي الأثناء، كان «آدم» يلحّ عليه بضرورة العودة لجمع أكبر قدر من المعلومات عن الحزب من الداخل، وكان يستفسر منه عن تفاصيل عن كل خطوة يقوم بها لضمان عدم مراوغته.
وفي إحدى المرات، أبلغ الموقوف مشغّله أنه توسّط مع أحد أقربائه، وهو مسؤول في الحزب، لمساعدته، وأنه قصد فرع المكافحة في حزب الله حيث أخضع لتحقيق على مدى أربع ساعات ليتقدم بطلب استرحام.
وأُبلغ بأن عليه انتظار الموافقة على الطلب التحضيري والطلب الاستثنائي اللذين تقدم بهما، وأن ذلك يستغرق ثلاثة أشهر.